[center][b[font=Comic Sans Ms]]نص مقالة الصداقة
الصداقة
عاطفة سامية القدر، غزيرة الفائدة، تلك هي الصداقة، والشارع رغب في أن تكون المعاملة بين المسلمين معاملة الصديق للصديق، ألا ترونه كيف أمر المسلم بأن يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه،؟ بل استحب للمسلم أن يؤثر أخاه المسلم وإن كان به حاجة، وذلك أقصى ما يفعله الصديق مع صديقه.
هذا الأدب الإسلامي نبهني لأن أتحدث إليكم في هذه الليلة عن الصداقة:
ما هي الصداقة؟:
المحبة إما أن تكون للمنفعة، وإما أن تكون للذة، وإما أن تكون للفضيلة، وقد يطلق على كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة اسم الصداقة.
صداقة المنفعة:
هي أن يحب الإنسان شخصاً لما يناله منه من منافع، وشأنُ هذه الصداقة أن تبقى معقودة بين الشخصين ما دامت المنافع جارية، فإن انقطعت المنافع انقطعت هذه الصداقة.
صداقة اللذة:
هي المحبة التي تثيرها الشهوة، وقد تشتد فتسمى عشقاً، وشأن هذه الصداقة - أيضاً - أن تنقطع عندما تنصرف النفس عن اللذة التي بعثتها.
صداقة الفضيلة:
هي المحبة التي يكون باعثُها اعتقادُ كلٍّ من الشخصين أن صاحبه على جانب من كمال النفس، وهذه هي الصداقة التي يهمنا الحديث عنها في هذا المقام.
الصداقة فضيلة:
ليست صداقة المنفعة ولا صداقة اللذة بمعدودة في خصال الشرف، وإنما الذي يصح أن يعد خصلة شريفة هو الصداقة التي يبعثها في نفسك مجردُ اعتقادِ أن صاحبك يتحلى بخلق كريم.
وهذه الصداقة تشبه سائر الفضائل في رسوخها في النفس، وإيتائها ثمراً طيباً في كل حين، وهي التي توجد من الجبان شجاعة، ومن البخيل سخاءًا؛ فالجبان قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يخوض في خطر؛ ليحمي صديقه من نكبة، والبخيل قد تدفعه قو ة الصداقة إلى أن يبذل جانباً من ماله لإنقاذ صديقه من شدة؛ فالصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة؛ فالمتكبر تنزل به الصداقة إلى أن يتواضع لأصدقائه، وسريع الغضب تضع الصداقة في نفسه شيئاً من كظم الغيظ، ويجلس لأصدقائه في حلم وأناة، وربما اعتاد التواضع والحلم، فيصير بعدُ متواضعاً حليماً.
والفضل في خروجه من رذيلتي الكبر وطيش الغضب عائد إلى الصداقة.
وإن شئت فقل: إن حب الشخص لك لفضيلتك علامة على كمال أصل خلقه؛ فإنك لا ترجو من شخص أن يحبك لفضيلتك إلا أن يكون صاحب فضيلة.
وليس يعرف لي فضلي ولا أدبي * إلا امـرؤ كان ذا فضل وذا أدب
الاستكثار من الأصدقاء:
متى حظي الإنسان بأصدقاء كثيرين فقد ساقت له الأقدار خيراً كثيراً، ففي الصداقة ابتهاج القلب عند لقاء الصديق، وفيها لذة روحية ولو في حال غيبة الصديق، وفيها عون على تخفيف مصائب الحياة.
علامة الصداقة الفاضلة:
ليس من علامة الصداقة الفاضلة أن يقوم لك الرجل مُبْتَدراً، أو يلاقيك باسماً، أو يثني عليك في وجهك مسهباً ومكرراً؛ فذلك شيء يفعله كثير من الناس مع من يحملون له أشدَّ العداوة والبغضاء
الصداقة تقوم على التشابه:
لا تنعقد الصداقة الصافية بين شخصين إلا أن يكون بين روحيهما تقارب، وفي آدابهما تشابه فإن وجدت صحبة بين بخيل وكريم، أو جبان وشجاع، أو غبي وذكي، أو مهتد ومبتدع - فاعلم أن الصحبة لم تبلغ أن تكون صداقة بالغة، البعد من صداقة غير الفضلاء:
ينبغي للرجل أن يتخير لصداقته الفضلاء من الناس، فهؤلاء هم الذين تجد الصداقة فيهم قلوباً طيبة، فتنبت نباتاً حسناً، وتأتي بثمر لذيذ،
وكثيراً ما يقاس الرجل بأصدقائه، فإن رآه الناس يصاحب الفساق والمبتدعين سبق إلى ظنونهم أنه راضٍ عن الابتداع ولا يتحرج من الفسوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [/b][/center][/font]